الصداقة الأبدية

الأصدقاء في الحياة كثر؛ ولكن دائماً يكون هناك صديق مميز بنكهةالأخ.

أخ اخترته بنفسك ليقاسمك تفاصيل يومك، ويرسم بسمتك ويشد عضدك إلى الطريق المزهر.

شام وآية صديقتين منذ نعومة أظافرهم،ترعرعا في عائلتين ملتزمتين في ذات الحي.

كل من رآهن اعتقد أنهما أختان إذا رأيت شام فلا بد أن آية معها لا يفترقا كروح واحدة.

درسا في ذات الفصل وذات المقعد ؛يتبادلان الزيارات يتساعدان بحل واجباتهن ؛لم يحللن الواجبات فقط معاً بل جميع الأمور الشخصية.
كانت كل منهن لا تقضي بأمر حتى تستشير الأخرى ؛شقا طريقهما معاً حتى أصبحتا جامعيتين.

هنا بدأت شام تتغير، قلّت زياراتها لآية وبدأت تتعطل عن المدرسة حتى المكالمات الهاتفية لم تعد كسابق عهدها.

أصبحت نادراً ما تتصل وحين تتكلم لم يكن صوتها كما أعتدناه كله شغف وحب ؛لم تكن تعلم آية السبب لكنها كانت على ثقة بأن شام تحبها.

الحب ليس بكلمات توصف وإنما إحساس داخلي لا يكذب .
لم تتغير آية بقيت تكلمها دائماً وتزورها وتجلب المحاضرات وتساعدها بحفظ دروسها حتى وإن كان استقبالها جافاً.
كانت تشعر بأن شام رويداً رويداً تتغير ملامحها فتسألها عن حالها فتجيب :بخير.

وتكتفي وترسم خلفها ابتسامة مصطنعة لتطمئن صديقة عمرها.

في هذه الأثناء كانت تنهي دفتر ذكرياتها برسالة تخبئها كوصية وذكرى إلى آية .

(لن أقول وداعاً بل سأقول إلى اللقاء)

أختي ورفيقة دربي:

ليست كل أخت ولدتها أمك بل هناك أخوة تلدهم الأيام والمواقف.

لن أقول وداعاً لأن هذه الدنيا امتحان وأرجو أني نجحت، وها هو السرطان ينهك ما تبقى من ذنوبي ،وها انا اشارف على تقديم الورقة الأخيرة .

لن أقول لك سنلتقي بعد الامتحان أمام المدرسة ،هذه المرة سأنتظرك على ضفاف الجنة.

أحببت فيك طيبة قلبك وإخلاصك وتقواك وروحك الطاهرة .

أتمنى أن تغمرك سعادة الكون كله ،أريد منك أن تضاعفي جهودك في الدراسة حينها سأكون سعيدة ،لأنك تحققي حلمي وحلمك وأنتِ قادرة على هذا ،

عديني أن تتماسكي لأجلي.

عديني أن لا يجد الحزن طريقاً لعينيك الرائعتين.

تذكريني بدعواتك دائماً فأنا سأبقى بحاجة إليها.

لا تحزني وثقي إنني الآن في مكان أفضل فأنا عند أرحم الراحمين.

رضيت بقضائه ولم أشأ الرحيل دون ان أترك لكي رسالة وذكرى ،فأنا لم ولن أبتعد عنك بإرادتي ودون سبب أبداً ،وهذه مشيئة الله.

أحمده لأنه أعطاني إنذار لأحزم امتعتي واودع احباب واترك رسالة جميلة ((عودوا إلى الله فلستم جميعاً محظوظون مثلي لتأتيكم رسالة إنذار قبل سحب الورقة الأخيرة)).

أحببتك حتى النهاية ولا يزال حبك يسري في روحي .

أتمنى ان تكون مذكراتنا رواية تنشد فيها مثلاً للصديق الأبدي الذي يشد بيدك إلى الجنة .

ملتقانا الجنة بإذن الله ،سأنتظرك هناك بعد عمر طويل أتمناه لك بسعادة وطاعة الله .

((توأمك شام /2019)).

بعد وفاة شام خرجت والدتها لتنفذ وصيتها ،سلمت الرسالة والهدية لفريق توصيل ،وقالت لنا: أريد توصيل هذه الرسالة من ابنتي التي وافتها المنية ،وبكت ….أكملت :إلى صديقتها آية ،أعطتنا العنوان.

خرجت تبكي ،ذهبنا إلى منزل آية وطرقنا الباب ،بعد السلام سلمنا الرسالة (الوصية) إلى آية .

بكت آية وبكى فريق الإرسال معي .

كان موقف صعب لا تصفه الكلمات ، حينها علمت آية سبب تغير صديقتها ، وتوقفت فجأة عن البكاء وقالت :لا تذرفوا الدموع رجاءً أدعوا لها برحمة .

وقررت أن تبذل جهدها لتنجح بامتحان الجامعة وامتحان الدنيا كما وصتها صديقة العمر. رحم الله شام ،رحم روح تألمت وتحملت ،لتنثر الفرح من حولها وتعلمنا الرضى والحمد على كل حال
لتعلمنا درساً لا ينسى عن الامتحان الحقيقي والصداقة الأبدية.
اتمنا من كل من قرأ رسالة شام أن يدعو لها أن يتغمدها الله برحمته.😔